اليكم نبذه مختصره عنه
هو أول وآخر مقرئي القرآن الذي
تهافت على سماعه عدد كبير من غير المسلمين وهو القارىء الذي أحاطت به هالة
من الأساطير قال عنه مفتي سوريا بعد وفاته " أنه جدد شباب الاسلام ".
لقد هاجمه المرض في عام 1943م كما ذكرت حضرتك وكانت الزغطة شديدة جداً حيث
كانت تلازمه فترة طويلة تزيد على الثلاث ساعات يومياً فذهب إلى الكثير من
الأطباء وتم أخذ بعض المسكنات ولكن لفترة قصيرة إلا أنها عاودته مرة اخرى
وكان الأطباء قد نصحوه بأن يشرب السوائل من الإناء بطريقة معينة مما قد
يساعد ذلك في منع الزغطة.. وكان في تلك الفترة يذهب إلى الإذاعة يومين في
الأسبوع هما يومي الأثنين والجمعة وذلك حتى عام 1948م حيث أشتد عليه المرض
الذي كان يهاجمه أغلب ساعات يومه دون إنقطاع حتى أنها هاجمته مرة أثناء
قراءته بالإذاعة فأمتنع عن الذهاب إلى الإذاعة بعدها لشعوره بالخوف على
ضياع مكانته كقارئ عظيم مكتفياً بما قدم حتى أنه فضل القراءة في إحدى
مساجد حي السيدة زينب وهو مسجد فاضل كان يقرأ فيه القرآن دون ان يذهب إلى
الإذاعة.
في يوليو عام 1949 م كانت مجلة المصور قد نشرت خبرا مصورا عن مرض الشيخ
محمد رفعت فأعلن الأستاذ أحمد الصاوي محمد عن فتح إكتتاب لعلاج الشيخ وجمع
التبرعات فأثار ذلك الخبر حزن محبيه والمعجبين بصوته وتم جمع ما يزيد عن
خمسين ألف جنيها وعندما علم الشيخ رفعت بذلك قال : أنا مستور والحمد لله
ولست في الحالة التي تستوجب جمع هذه المبالغ وإذا كان على العلاج فالأطباء
يعالجونني ولكنهم لم يستطيعوا وقف هذا المرض ومنعه كما ان هذه المبالغ
أصحابها أولى بها مني فهم الفقراء والمحبين لصوتي حقا ولكني والحمد لله
لست في حاجة إلى كل هذا المال ..ثم قال لي : أحضر ورقة فأحضرتها فقال :
إكتب وأملاني ..إلى الأستاذ أحمد الصاوي ..أعتذر عن قبول هذه التبرعات
..وأن مرضي بيد الله وهو القادر على شفائي وإني لأشكرك وأرجو أن تشكر كل
الذين جمعوا لي هذه التبرعات على روحهم الطيبة وحبهم لي ..فلما أرسلنا هذه
الرسالة إلى الأستاذ أحمد الصاوي كتب بجريدة الأهرام يثني على عفة الشيخ
رفعت وأخلاقه وتأثير القرآن عليه في سمو نفسه وعلوها وقد توفي رحمه الله
بعد ذلك بعام واحد.
كان الشيخ رفعت يرفض التكسب عن طريق القرآن وعندما دعاه حيدر أباد للسفر
إليه بالهند وترتيل القرآن في حفلات يوبيله مقابل 15ألف جنيه .. رفض.. وعز
عليه أن يرحل إلى الهند خاصة بعد أن علم بنية حيدر أباد بمحاولة إثناءه عن
عزمه بالرجوع إلى مصر في حالة الموافقة على السفر للهند.. وقد حاول
الموسيقار محمد عبد الوهاب أن يثنيه عن الرفض وأغراه بالاستعداد لمرافقته
في تلك الرحلة إلا أنه أصر على الرفض ولم يسافر ولم يقبل تلك الدعوة.
قالوا عن الشيخ محمد رفعت:
قال عنه الأديب "محمد السيد المويلحي" في مجلة الرسالة: "سيد قراء هذا
الزمن، موسيقيّ بفطرته وطبيعته، إنه يزجي إلى نفوسنا أرفع أنواعها وأقدس
وأزهى ألوانها، وإنه بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا".
ويقول عند الأستاذ "أنيس منصور": "ولا يزال المرحوم الشيخ رفعت أجمل
الأصوات وأروعها، وسر جمال وجلال صوت الشيخ رفعت أنه فريد في معدنه، وأن
هذا الصوت قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، ثم إنه ليس كمثل
أي صوت آخر".
ويصف الموسيقار "محمد عبد الوهاب" صوت الشيخ محمد رفعت بأنه ملائكي يأتي
من السماء لأول مرة، وسئل الكاتب الكبير "محمود السعدني" عن سر تفرد الشيخ
محمد رفعت فقال: كان ممتلئًا تصديقًا وإيمانًا بما يقرأ.
أما الأستاذ "علي خليل" شيخ الإذاعيين فيقول عنه: "إنه كان هادئ النفس،
تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه في جنة الخلد، كان كيانًا
ملائكيًّا، ترى في وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص
للخالق، وكأنه ليس من أهل الأرض".
ونعته الإذاعة المصرية عند وفاته إلى المستمعين بقولها: "أيها المسلمون، فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام".
أما الإذاعة السورية فجاء النعي على لسان المفتي حيث قال: "لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام